السؤال: هل من خرج من الإيمان يخرج من الإسلام كقول النبي صلى الله عليه وسلم: {لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن
الجواب: لا. إذا اجتمع الإسلام والإيمان في نص واحد كما اجتمعا في هذا الحديث، واجتمعا في الحديث العظيم الذي هو أعظم أحاديث الإسلام كلها وهو حديث جبريل عليه السلام، عندما سأل النبي صلى الله عليه وسلم عن الإسلام ثم عن الإيمان، فالإسلام هو العمل الظاهر، الأركان الظاهرة، وهو الدرجة الأدنى، والإيمان هو الأعمال الباطنة وهو الدرجة الأعلى، فيخرج من دائرة الأعلى وهي الإيمان، ولا يخرج من دائر الإسلام.
ومن ارتكب هذه الكبائر عافانا الله وإياكم، فلا شك أنه معرض للوعيد، وأنه لا يستحق اسم الإيمان أو لفظ الإيمان الذي يراد به المدح والثناء في كتاب الله تبارك وتعالى مثلاً، لكنه لا يخرج عن الإيمان الذي هو الإسلام، أو عن الإسلام الذي هو الدرجة الأدنى من الإيمان بمفهومه العام، فهو فاسق بكبيرته، لكنه مسلم أو مؤمن بإيمانه، لكنه لا يستحق الإيمان المطلق.
مثلاً: شخص زنا، فلا نقل: هذا مؤمن، فهذا القول ليس بصحيح، متى نقول: هذا مؤمن؟ لو رأيت رجلاً بذل من ماله في سبيل الله أو عمل عملاً عظيماً من القربات فتقول: هذا مؤمن، ولا تثن على الزاني؛ لأن هذا في مقام الثناء، فأنت تثني على من فعل شيئاً زائداً عن مجرد الإسلام الذي يفعله أكثر الناس في صلاتهم وشهادتهم أن لا إله إلا الله وغير ذلك.
لكن هذا جاء بأمر آخر فيستحق اسم الثناء، لكن اسم الثناء والمدح الذي جاء في كتاب الله للمؤمنين شيء، وثبوت الإيمان الذي هو مقابل الكفر شيء آخر، فهو لا يخرج منه، ومبلغ الخوارج في ذلك باطل كل البطلان، ويكفينا دليل واحد لبطلان مذهب الخوارج ومرتكب الكبيرة، وهو أن الشريعة جاءت بحدود على من فعل الكبائر، فجعلت للزاني الجلد، أو الرجم، والسارق تقطع يده، وشارب الخمر يجلد، ولو كان فاعل هذه الكبائر يكفر لكان حد الجميع واحداً، ولم يكن هناك داعٍ لهذه الآيات وهذه الأحاديث، ولا القضاة ولا الأحكام، وكل من فعل واحدة من هذه يقتل، ويكون مرتداً، وهذا مذهب لم يقل به أحد من أهل الهدى والخير والإيمان، إلا الخوارج ومن نهج نهجهم.